إن الإسلام في دعوته إلى وحدة الأديان في مصدرها وفي جوهرها، وإلى الإيمان بجميع الرسل بلا تفريق بينهم ولا تعصب، إنما يدعو جميع الشعوب إلى وحدتها الإنسانية الكبرى، على أساس عقيدة موضوعية جامعة إنسانية عالمية تتوحد فيها وتتساوى على قاعدة وحدة القيم الأساسية والأخوة
الإنسانية والتعاون على البر.
إنها عقيدة هادفة إلى تحرير الإنسانية من استغلال بعضها البعض، وإلى تأهيلها لرسالتها العلمية الكونية التي حملت مسؤوليتها الخالدة، والتي لا سبيل إلى القيام بها إلا بعد التحرر من الاستغلال والاستعباد للحكم أو للشهوات ومن تبديد الطاقات من أجل منافع ذاتية أو في صراعات عنصرية أو طبقية تدمرها. فهي دعوة إلى الوحدة العالمية والأخوة الإنسانية تستمد حيويتها من عقيدة إنسانية موضوعية ذات شريعة عالمية متوازنة القيم لا تتجزأ فيها الحرية والعدالة ولا تتنافران. فلا حرية بلا عدالة، ولا عدالة بلا حرية. ولا يستعبد فيها الأفراد باسم الجماعة، ولا المجموع لصالح بعض الأفراد. فلا حرية ولا كرامة الجماعة أفرادها عبيد الحكام غير مسئولين ولا سلام لشعوب تفصل بينها هوة في مستوى المعيشة أو تمزقها صراعات عنصرية أو طبقية أو مذهبية.